أدوات الوصول

هل تواجه أي صعوبات داخل الموقع؟

تواصل معنا

مزاج

صورة

نقع أحياناً تحت تأثير المزاج، لكن، ما هو المزاج؟ هو حالة عاطفية أقل من أن نصفها بالمشاعر، لها تأثير مؤقت قد يكون على نحو إيجابي أو سلبي. ونحن بطبيعة الحال بشرٌ، تتقلب فينا مواقف الحياة بتناقُضاتها بين المسّرة والمضّرة، بين اللين والشّدة، بين الفرح والحزن، بين النشاط والخمول.. ويأتي معها وصف هذه الحالات البشرية الطبيعية على أنها حالات تتخلل المشاعر الحقيقية، بما يُعرف كما أشرنا؛ بالمزاج، الذي نُلقي عليه غالباً اللّوم ونشير بأصابع الاتهام نحوه، لتقلبات أحوالنا!
يأتي التساؤل الآن: هل المزاج الذي يهجم علينا بغتةً مُحملاً بحالة عاطفية وفق الموقف الذي نمر به، يُشكل خطراً؟ وكيف لنا أن نجعله في صفّنا ونتحول من حالة وعي الضحية بإلقاء اللوم عليه، إلى قادةٍ للموقف بشكل إيجابي؟ علينا أولاً أن نفهم أنه من الطبيعي جداً أن تكون الحياة بلون رمادي! ومن غير المنطقي أن نراها دائماً بلونين صريحين: أسود أو أبيض على الدوام! أي؛ حياتنا الطبيعية ما هي إلا مزيج عميق من مشاعرنا الدفينة في عقلنا الباطن والمُستشعر منها بقيادة عقلنا الواعي وما يظهر علينا من حالة عاطفية تمثل السطح فقط، لكل هذا التركيب العجيب العميق فينا، والمتراكم عبر الزمن من خلال التجارب في مراحل حياتنا المختلفة. 
إن ألوان الحياة الحقيقية، هي الألوان المتمازجة بانسجام رائع لكل ما حولنا من مواقف وأحداث وأشخاص ورموز، وهو ما يُمثل الجمال الحقيقي للتنوع الإنساني، كما هو الحال في تنوع الألوان على لوحةٍ زيتية رُسمت بواقعية. إذ لا يمثل المزاج خطراً حتى يتحول إلى شعور دائم ثابت راسخ. هنا، حينما يكون الخمول مزاجاً، لا بأس به لإعطاء الجسم قسطاً من الراحة للانتقال إلى مزاج النشاط، لكن حينما يتحول إلى حالة دائمة، تتعمق معها مشاعر الكسل، تصبح مشاعر التثاقل والبلادة وقوداً لفعل الكسل ودرعاً لفعل النشاط! هنا تنشأ المُعضلة. لذا؛ حَرِيُّ بنا أن نراقب «مزاجنا في اليوم» هل يؤدي بنا للفعل الذي يُطورنا أم يهدمنا؟ لا بأس بأن نسمع لمزاجنا ونتقبّله، فهو جزء لا يتجزأ من عملية تطويرنا للأفضل؛ فبسماعنا لتعب الجسم أو إرهاق النفس أو تقلبّه المفاجئ مع الأشخاص والأحداث، ما هو إلا إشارات صُدرت من الروح والنفس والجسم كُلُّ حسب حاجته، كبيان لحالة عاطفية تتطلب المراقبة والاستجابة لها.
لذا؛ تأتي مراقبة الذات، كحاجة أساسية للاستمرار في السّير على هُدى في طريق واضح، أن نراقب المزاج كإشارات لعلامات مرض أو سلوك سلبي دخيل أو علاقات غير صحية أو نفسٍ تحتاج منا أن نطوّرها ونُهذّبها لنتعامل بأخلاق سامية مراعية مع أحبابنا والآخرين. وألا يكون المزاج عائقاً لخطط حياتنا الإيجابية وعلاقاتنا السليمة ونوايانا الطيبة نحو نفع الآخرين وتحقيق رسائلنا على الأرض؛ فلا تقل: ليس لي مزاج لذلك.. من غير مراقبة! بل قُلها واكتشف الجذر.. بسؤالك لنفسك: لماذا؟ حينها سيكون للمزاج جوابٌ صريح يقودك للخير في نفسك والآخرين. تأمّلها وراقب؛ ستجد الإجابة.