إن ما يعصف بالعالم في السنوات الأخيرة من تغيرات كبيرة في كافة الأصعدة البيئية والصحية الاجتماعية والاقتصادية فرضت على عاتق الأنظمة التعليمية التربوية مسئوليات جسيمة فهي الجهة المؤهلة التي يمكنها إعداد الإنسان من الناحية النفسية والتربوية والتعليمية والاجتماعية لجعله قادر على التكيف الصحيح ومواجهة تلك التغيرات والتي تمثل تحديات القرن الـ21 فلا يُخفى على أحد أن الإعداد الجيد للإنسان هو معول تحقيق طموح المجتمعات الرامية إلى التنمية المستدامة والنهوض بالاقتصاد المعرفي.
إن الجهات التعليمية والتربوية مطالبة اليوم بالاجتهاد لتوفير ما يُساهم في إكساب المتعلم بما يسمى بمهارات القرن الـ21 ، وهي مهارات نادت اليونسكو بشأن تنميتها لدى الطلاب والمتعلمين وتعرف على إنها مجموعة من القدرات المعرفية والشخصية تساعد المتعلم على إتخاذ قرارات مستنيرة وحل المشكلات والتفكير النقدي والإبداعي والتواصل بفعالية وبناء علاقات صحية والتعاطف مع الآخرين وإدارة الحياة بطريقة صحية ومنتجة.
إن طرح اليونيسكو وجه الأكاديميين والتربويين إلى بحث ودراسة تلك المهارات فتعددت تعريفاتها وتم اقتراح عدة تصنيفات لها إلا إنه يمكن القول إن تصنيف «منظمة الشراكة من أجل مهارات القرن 21»  هو الأكثر تداولا والأكثر قابلية للتطبيق حيث صنفت تلك المهارات إلى ثلاث فئات كما هي موضحة الشكل التالي:
وكل فئة تتضمن عدد من المهارات التي تتداخل فيما بينها، وتعلمها يُمكّن المتعلمين والطلاب النجاح في العمل والحياة فهي مزيج من المعرفة بمحتوى المادة العلمية والخبرات التربوية الخاصة والمعرفة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على أن يكون كل ذلك متوافق مع مبدأ التمايز كمبدأ تربوي من جانب ونفسي من جانب آخر. 
في الحقيقة إن تلك المهارات تساعد في تأهيل جيل من المفكرين والمتعلمين القادرين على الإبداع في حل المشكلات ، يتشاركون بفاعلية مع من حولهم في البيت والعمل وبناءاً على ذلك فإنه يمكن القول إن مهارات القرن 21 قد تُشكل أسلوب الحياة للمتعلم وتنطوي على جوانب نفسية جوهرية  كالتفكير وأنواعه، القدرة على التكيف، المرونة النفسية الإبداع والابتكار والقدرة على الفهم وتوضيح تلك الجوانب النفسية يساعد في تنمية وعي المعلمين والمتعلمين بتلك المهارات.  وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل  في الأعداد القادمة كمساهمة منا في تعزيز مفهوم مهارات القرن 21 في أذهان أفراد المجتمع الجامعي وتوضيح مضامينها النفسية.